Thursday 27 February 2014

نص خطاب مبارك في 1 فبراير 2011

الأخوة المواطنون.. أتحدث إليكم في أوقات صعبة.. تمتحن مصر وشعبها.. وتكاد أن تنجرف بها وبهم.. إلي المجهول.

يتعرض الوطن لأحداث عصيبة.. واختبارات قاسية.. بدأت بشباب ومواطنين شرفاء.. مارسوا حقهم في التظاهر السلمي.. تعبيراً عن همومهم وتطلعاتهم.. سرعان ما استغلهم.. من سعي لاشاعة الفوضي.. واللجوء إلي العنف والمواجهة.. وللقفز علي الشرعية الدستورية والانقضاض عليه.

تحولت تلك التظاهرات.. من مظهر راق ومتحضر لممارسة حرية الرأي والتعبير.. إلي مواجهات مؤسفة.. تحركها وتهيمن عليها قوي سياسية.. سعت إلي التصعيد وصب الزيت علي النار.. واستهدفت أمن الوطن واستقراره.. بأعمال اثارة وتحريض .. وسلب ونهب.. واشعال للحرائق.. وقطع للطرقات.. واعتداء علي مرافق الدولة والممتلكات العامة والخاصة.. واقتحام لبعض البعثات الدبلوماسية علي أرض مصر.

نعيش معاً أياماً مؤلمة.. وأكثر ما يوجع قلوبنا.. هو الخوف الذي انتاب الأغلبية الكاسحة من المصريين.. وما ساورهم من انزعاج وقلق وهواجس.. حول ما سيأتي به الغد.. لهم ولذويهم وعائلاتهم.. ومستقبل ومصير بلدهم.

إن أحداث الأيام القليلة الماضية.. تفرض علينا جميعاً.. شعباً وقيادة.. الاختيار ما بين الفوضي والاستقرار.. وتطرح أمامنا ظروفاً جديدة.. وواقعاً مصرياً مغايراً.. يتعين أن يتعامل معه الشعب وقواته المسلحة.. بأقصي قدر من الحكمة والحرص علي مصالح مصر وأبنائها.

الأخوة المواطنون.. لقد بادرت لتشكيل حكومة جديدة بأولويات وتكليفات جديدة.. تتجاوب مع مطالب شبابنا ورسالتهم.. وكلفت نائب رئيس الجمهورية بالحوار مع كافة القوي السياسية.. حول كافة القضايا المثارة للإصلاح السياسي والديمقراطي.. وما يتطلبه من تعديلات دستورية وتشريعية.. من أجل تحقيق هذه المطالب المشروعة.. واستعادة الهدوء والأمن والاستقرار. لكن هناك من القوي السياسية من رفض هذه الدعوة للحوار.. تمسكاً بأجنداتهم الخاصة.. ودون مراعاة للظرف الدقيق الراهن لمصر وشعبها.

وبالنظر لهذا الرفض لدعوتي للحوار.. وهي دعوة لا تزال قائمة.. فإنني أتوجه بحديثي اليوم مباشرة لأبناء الشعب.. بفلاحيه وعماله.. مسلميه وأقباطه.. شيوخه وشبابه.. ولكل مصري ومصرية.. في ريف الوطن ومدنه علي اتساع أرضه ومحافظاته.

إنني لم أكن يوماً طالب سلطة أو جاه.. ويعلم الشعب الظروف العصيبة التي تحملت فيها المسئولية.. وما قدمته للوطن حرباً وسلاماً. كما أنني رجل من أبناء قواتنا المسلحة.. وليس من طبعي خيانة الأمانة.. أو التخلي عن الواجب والمسئولية.

إن مسؤوليتي الأولي الآن.. هي استعادة أمن واستقرار الوطن.. لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة.. في أجواء تحمي مصر والمصريين.. وتتيح تسلم المسئولية لمن يختاره الشعب.. في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وأقول بكل الصدق.. وبصرف النظر عن الظرف الراهن.. انني لم أكن أنوي الترشح لفترة رئاسية جديدة.. فقد قضيت ما يكفي من العمر في خدمة مصر وشعبها.. لكنني الآن حريص كل الحرص علي أن أختتم عملي من أجل الوطن.. بما يضمن تسليم أمانته ورايته.. ومصر عزيزة آمنة مستقرة .. وبما يحفظ الشرعية ويحترم الدستور.

أقول بعبارات واضحة.. إنني سأعمل خلال الأشهر المتبقية من ولايتي الحالية.. كي يتم اتخاذ التدابير والإجراءات المحققة للانتقال السلمي للسلطة.. بموجب ما يخوله لي الدستور من صلاحيات.

إنني أدعو البرلمان بمجلسيه.. إلي مناقشة تعديل المادتين "76" و"77" من الدستور.. بما يعدل شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية.. ويعتمد فترات محددة للرئاسة.

ولكي يتمكن البرلمان الحالي بمجلسيه من مناقشة هذه التعديلات الدستورية.. وما يرتبط بها من تعديلات تشريعية للقوانين المكملة للدستور.. وضماناً لمشاركة كافة القوي السياسية في هذه المناقشات.. فإنني أطالب البرلمان بالالتزام بكلمة القضاء وأحكامه.. في الطعون علي الانتخابات التشريعية الأخيرة.. دون إبطاء.

سوف أوالي متابعة تنفيذ الحكومة الجديدة بتكليفاتها.. علي نحو يحقق المطالب المشروعة للشعب.. وأن يأتي أداؤها معبراً عن الشعب وتطلعه للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. ولإتاحة فرص العمل ومكافحة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وفي ذات السياق.. فإنني أكلف جهاز الشرطة بالاضطلاع بدوره في خدمة الشعب.. وحماية المواطنين بنزاهة وشرف وأمانة.. وبالاحترام الكامل لحقوقهم وحرياتهم وكرامتهم.

كما أنني أطالب السلطات الرقابية والقضائية.. بأن تتخذ علي الفور ما يلزم من إجراءات.. لمواصلة ملاحقة الفاسدين.. والتحقيق مع المتسببين فيما شهدته مصر من إنفلات أمني.. ومن قاموا بأعمال السلب والنهب واشعال النيران وترويع الآمنين.

ذلك هو عهدي للشعب خلال الأشهر المتبقية من ولايتي الحالية.. أدعو الله أن يوفقني في الوفاء به.. كي أختتم عطائي لمصر وشعبها بما يرضي الله والوطن وأبناءه.

الأخوة المواطنون..

ستخرج مصر من الظروف الراهنة.. أقوي مما كانت عليه قبلها.. وأكثر ثقة وتماسكاً واستقراراً.

سيخرج منها شعبنا.. وهو أكثر وعياً بما يحقق مصالحه.. وأكثر حرصاً علي عدم التفريط في مصيره ومستقبله.

إن حسني مبارك الذي يتحدث إليكم اليوم.. يعتز بما قضاه من سنين طويلة في خدمة مصر وشعبها.. إن هذا الوطن العزيز هو وطني.. مثلما هو وطن كل مصري ومصرية.. فيه عشت.. وحاربت من أجله.. ودافعت عن أرضه وسيادته ومصالحه.. وعلي أرضه أموت.. وسيحكم التاريخ علي وعلى غيري.. بما لنا أو علينا.

إن الوطن باق والأشخاص زائلون.. ومصر العريقة هي الخالدة أبداً.. تنتقل رايتها وأمانتها بين سواعد أبنائها.. وعلينا أن نضمن تحقيق ذلك بعزة ورفعة وكرامة.. جيلاً بعد جيل.

حفظ الله هذا الوطن وشعبه..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

No comments:

Post a Comment