Wednesday, 5 March 2014

حكاية حضرة صاحب السعادة المنشاوي باشا


المنشاوي باشا هو من أعيان الغربية، والذي قُدِرَت ثروته بنحو مليوني جنيه، وخُصِصَ جزءٌ منها لأعمال الخير. ويعد المنشاوي باشا والأمير عمر طوسون من أكثر المصريين في العصر الحديث إنفاقاً في المشروعات الخيرية. وحسبنا أن نعلم أن المنشاوي باشا أوقف نحو ألف فدان على أعمال الخير والإصلاح، ولا تزال آثار يديه شاهدة على ذلك كان المنشاوي باشا من أشهر كبار الملاك الذين اهتموا بإنشاء التكايا والوقف عليها في مطلع القرن العشرين الماضي، ومن ذلك تكيته بمدينة طنطا، التي جعلها - كما ورد في نص حجة وقفه - "للعواجز واليتامى؛ لتكون منازل ومساكن لهم وللسيارة والمارة، وأبناء السبيل من المسلمين، سيما الذين يحضرون إلى مدينة طنطا من بلاد الترك والمغرب وغيرها وهم في طريقهم لأداء فريضة الحج"، وقد بلغ نصيب هذه التكية من ريع الوقف 1500 جنيه مصري قبيل تسليم أطيان الوقف عام 1962 لهيئة الإصلاح الزراعي وكان النَفَس الوطني واضحاً في أعمال الخير لديه. من ذلك مثلاً أن المنشاوي باشا، نص في وقفيته المحررة في عام 1903 على أنه "لا حق لأحد من الموقوف عليهم في الوقف، لا بنظر ولا استحقاق.. إذا تزوجت إحدى بناتهم بأحد من أهل الحمايات الأجنبية خلاف الدولة العلية" (العثمانية) ولابد أن نشير هنا إلى إسهام الأوقاف في شراء أراضي الدولة التي بيعت أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وفاء لبعض أقساط الديون الأجنبية، ذلك أن الحكومة اضطرت لبيع مساحات شاسعة من أراضي الأملاك الأميرية الحرة لمواجهة تلك الديون. وكان المتنافسون الرئيسيون على شراء تلك الأراضي هم الأجانب من ناحية، وكبار الملاك المصريين من ناحية، وديوان عموم الأوقاف من ناحية ثالثة. وهكذا اشترى أحمد باشا المنشاوي في سنتي 1898 و 1900 نحو 4000 فدان، ووقفها كلها سنة 1903 وعلي باشا عبدالله مهنا اشترى في 1898 مساحة 689 فداناً ووقفها سنة ،1900 وأحمد مظلوم باشا اشترى في سنة 1904 مساحة 3130 فداناً ووقفها في سنة 1908 (إبراهيم البيومي غانم، الأوقاف والسياسة في مصر، دار الشروق، القاهرة، 1998) وفي مجلة "المنار" كتب محمد رشيد رضا تحت عنوان "المحسن العظيم منشاوي باشا..أبو الوطن لا الإسكندرية وحدها" وذلك بمناسبة زيارة المنشاوي مدارس العروة الوثقى الخيرية في الإسكندرية وعدد من المدارس الأخرى، قائلاً: "وقد هزته الأريحية لما شاهده من حال هذه المدارس والمكاتب وحال التلامذة والتلميذات الذين كانوا يتدفقون بزيارته بِشراً وشكراً، فأمر بأن تكون كسوة تلامذة المكاتب على نفقته ، ووعد بأنه سيوقف أطيانًا يخص ريعها بتجهيز بنات الفقراء المتعلمات في هذه المدارس عند زواجهن. وذكرت مدرسة جمعية الحمَّالين في الكمرك فوعد بمساعدتها. ثم أمر بصرف راتب شهر لكل واحد من معلمي هذه المدارس" (مجلة المنار، الأعداد الكاملة، ج 6، ص 698) ثم يضيف الكاتب قائلاً: "وإننا لنفتخر بهذا المحسن العظيم الذي طوق الإسكندرية بفضله وإحسانه حتى قال بعض الأدباء: يجب أن نكنيه بأبي الإسكندرية، ونحن نتوقع أن يطوق بفضله القطر كله بمساعدة الجمعية الخيرية الإسلامية العامة كما طوق الإسكندرية بمساعدة جمعية العروة الوثقى الخاصة فيكون أبا الوطن كله لا أبا الإسكندرية وحدها أدام الله توفيقه . وألهم سائر أغنيائنا أن يسلكوا طريقه" واشتهرت القرشية - إحدى قرى مركز السنطة محافظة الغربية - بوجود حديقة المنشاوي باشا والتي اشتهرت بأنها تضم أشجار المانجو التي تم جلبها من أنحاء العالم، وكان يأتي ذكرها في الكلمات المتقاطعة بالصحف والمجلات حتى وقتٍ قريب وبمبادرة فردية، أعلن المنشاوي باشا في أواخر أيامه، عن رغبته فى إنشاء جامعة في جهة باسوس وأبي غيط، على نفقته الخاصة، وبحث مع أفاضل العلماء فيما تستلزمه هذه الجامعة من النفقات الأولية، والنفقات السنوية، وفى كيفية استحضار المعلمين والأدوات، وكانت هذه الفكرة شغله الشاغل في سنته الأخيرة وموضوع حديثه في الليل والنهار مع الشيخ محمد عبده، إلا أن المنية قد سبقته. يذكر أن المستشفى والمسجد والمعهد الديني وغيرهم من الممتلكات الموجودة في مدينة طنطا كان قد تم تأميمهم،  ذلك بالإضافة إلى قصورة في شارع البحر حيث تمت مصادرة الإثنين و تحويل أحدهما لنادي ضباط الشرطة.

No comments:

Post a Comment