Thursday, 27 February 2014

كونترباص أم كلثوم .. وعظمه .. وابنه

د. عصمت عباس: ورثت اسم «عظمة» عن أبي بعد أن أطلقه عليه عبد الوهاب. 


أشهر عازف كونترباص في مصر الكونترباص أكثر تعبيراً في الموسيقي الغربية ودوره في الموسيقي الشرقية دور إيقاعي فقط.

حوار:محمد الشاذلي

كنت كلما شاهدت حفلة لأم كلثوم أجده واقفاً خلفها في ثباتٍ يعزف علي الكونترباص كأنه حارسٌ لمعبدٍ فرعوني، وكنت أنصت لما يعزفه من جمل موسيقية تضبط أداء الفرقة وتتحكم في سرعة اللحن فأشعر بأن لهذه الفرقة الموسيقية قائدا آخر خفيا غير المايسترو، هذا القائد الخفي هو "عظمة" عازف الكونترباص بفرقة أم كلثوم، وكلنا كنا نسمع الجمهور في حفلات أم كلثوم ينادونها مشجعين: (عظمه علي عظمه يا ست) ولكننا لا نعرف من أين جاءت هذه العبارة. 

> في البداية سألناه عن سر هذا الاسم "عظمة" فقال: 
- اسمي هو "عصمت عباس فؤاد" ووالدي هو "عباس فؤاد" من أقدم عازفي الكونترباص المصريين، ولدت في منطقة الحلمية الجديدة سنة 1941 وكانت بداياتي في منطقة عابدين، وسميت «عظمة» مثل والدي وجاء هذا الاسم من واقعة حدثت بين والدي ومحمد عبدالوهاب حينما كان والدي يعزف في إحدي البروفات مع عبدالوهاب وأعجب بعزفه فقال له مشجعاً إياه: (إنت حاجه عظمه خالص) واعتاد عبدالوهاب أن ينادي والدي بهذا الاسم فأصبح اسم الشهرة الخاص به، وفي الحفلة التي غنت فيها أم كلثوم أغنية إنت عمري وأثناء جزء العزف المنفرد الخاص بوالدي كان عبدالوهاب يقف في كواليس المسرح وأخذ يشجعه قائلاً : (عظمه علي عظمه) فسمع شخص من الجمهور هذه العبارة ورددها بصوت عالٍ، وبعد الحفل سألت أم كلثوم والدي : (هو عبدالوهاب كان بيقول عظمه علي عظمه لمين.. ليك ولا لي) فأجابها والدي قائلاً: (ليكي طبعاً يا ست) فقالت له: (يا كداب!). 


> متي وكيف بدأت علاقتك بالموسيقي؟
- بدأت علاقتي بالموسيقي منذ سنوات الطفولة الأولي وكان والدي هو سبب عشقي للموسيقي، فكنت أستمع إليه وهو يتدرب علي الكونترباص في البيت وكنت أذهب معه إلي البروفات وأجلس صامتاً أستمع إلي العازفين وهم يقومون بأداء اللحن متمنياً أن أصبح مثلهم في يوم من الأيام، وعندما قررت دراسة الموسيقي توجهت إلي المعهد وإجتزت كل إختبارات القبول ما عدا إختبار واحد وهو الكشف الطبي الذي كان موجوداً ضمن إختبارات المعهد في ذلك الوقت، ولأن عيني اليمني مصابة فلم أستطع دخول المعهد، وحزنت حزناً بالغاً لأني كنت أتمني أن أدرس الموسيقي دراسة أكاديمية فقال لي والدي لماذا أنت حزين سوف تدرس الموسيقي كما تريد، وأتاني والدي بكل أساتذة المعهد ليعلموني في المنزل وعلي رأسهم "جيراسيمو" أستاذ الكونترباص الأوروبي الشهير.  

> لماذا اخترت آلة الكونترباص دونن باقي الآلات الموسيقية مع أنه أقل رواجاً في سوق الموسيقي؟
- لم أتردد لحظة في اختيار آلة الكونترباص لأن استماعي إلي والدي وهو يعزف كان يبعث في نفسي أحاسيس مختلفة واستطعت أن أستشعر مدي بلاغة التعبير الموسيقي الموجود في هذه الآلة ولم أهتم يوماً بمدي رواج هذه الآلة في سوق الموسيقي أو مقدار استفادتي منها مادياً.  

> ما دور الكونترباص في الأوركسترا وهل هو نفس الدور في فرق الموسيقي العربية؟
- دور الكونترباص في الأوركسترا مهم وأساسي لأنه يعتبر العمود الفقري للأوركسترا فهو الصوت الغليظ الرئيسي فيها وأهم أصوات الباص في الفرقة الموسيقية وهو أكبر آلة في عائلة الوتريات التي تعزف بالقوس مثل الكمان والتشيللو، وفي الموسيقي الغربية تكتب للكونترباص جمل موسيقية خاصة به وله مؤلفات كثيرة ومعزوفات هو بطلها الأول. وقد ألف كثير من مؤلفي الغرب الموسيقيين مثل " دترز دورف، كوتسافسكي، بوتسيني " الكثير من المؤلفات الموسيقية له، أما في الموسيقي الشرقية فيقتصر دور الكونترباص علي الجمل الإيقاعية النغمية ومصاحبة آلات الإيقاع ولكنه أيضاً دور مهم في إشعار العازفين بالثبات والتحكم في سرعة اللحن وتوضيح وبلورة إيقاع ومقام الأغنية ليتمكن المطرب من الغناء بثقة. 

  > حدثنا عن بداياتك العملية ومن هم أول من عملت معهم من الموسيقيين؟ - بداياتي العملية كانت في أوائل الخمسينات من القرن الماضي حيث عملت مع والدي كعازف للكونترباص في فرقة أم كلثوم ثم تقدمت بعد ذلك للاختبار بالإذاعة المصرية ونجحت في الاختبار وكنت أنا ووالدي وعازف الكونترباص " حكم " أول أعضاء فرقة الإذاعة تحت قيادة " محمد حسن الشجاعي ثم حسين جنيد ثم عطيه شراره ثم إبراهيم حجاج ثم عبدالحليم نويرة " وبعد عدة سنوات سافرت إلي ألمانيا لأستكمل دراستي الموسيقية وهناك حصلت علي درجة الدكتوراه في الكونترباص وعندما عدت من ألمانيا في أوائل الستينات كان أول من عملت معهم من المطربين هم "محمد فوزي، عبدالحليم حافظ، عبدالعزيز محمود" وبعد ذلك كان اسمي قد بدأ ينتشر في الساحة الفنية فعملت مع " محمد الموجي، نجاة الصغيرة، شادية، محرم فؤاد، مها صبري" وآخرين.  

> علاقتك بأم كلثوم.. كيف بدأت؟
- بدأت علاقتي بأم كلثوم عندما كنت أذهب مع والدي لحضور بروفات أغانيها وعندما كانت تتصل بوالدي في التليفون فكنت أرد عليها ونتجاذب أطراف الحديث، أما بدايتي العملية معها فكانت عندما سمعني " رياض السنباطي " في أحد الأيام وأنا أعزف علي الكونترباص فأعجب بعزفي وطلب من والدي أن أشترك معهم في العزف في فرقة أم كلثوم وعرض عليها الأمر فوافقت علي الفور، وعملت معها في الفرقة وكانت معظم الأعمال التي اشتركت بها من ألحان رياض السنباطي حتي توفي والدي فأصبحت أنا العازف الأساسي للكونترباص في فرقة أم كلثوم.

المصدر: صحيفة البديل 26/2/2009

No comments:

Post a Comment